مقامة أدبية رقم (٦) /الأديبة والشاعرة هيام حسن العماطوري
مقامة أدبية رقم ( ٦) بعنوان حورية البحر ... بقلم الكاتية هيام حسن العماطوري .
وصلنا أيها السادة .. لساعة الصفر ومرت لحظاتها كأنها دهر ..فكانت ليلة ليلاء ...شديدة دهماء ..لم يزرها نجم ولا قمر ..انتابني الضيق والضجر ...بيدّ أن العتمة تكتم الأنفاس ..وتوجع الرأس ..وإذا كنت وحيداً بعيداً عن الناس . .طفقت أعد الدقائق حتى ينقضي الليل ويبزغ الفجر ..ضيق ٌ لا ينشرح له صدر ...إلا الحزن والكدر .. وما زلت أغالب وحشتي بالدعاء و الصبر ..ففي لحظة ٍ لمعت أمامي كالجوهرة ...عيون حادة النظر ..خفق قلبي مهابة ورجوت ألا يصيبني الخطر ...وأخذت أضرب أخماسي بأسداسي ...ما هذا الشيء الذي حضر ...منْ تكون يا ترى ؟...تسللت إلى قاربي ...شيء يشبه السمكة لكن تبدو ضخمة ..أرتعدت أواصري والخافق ..فعفت البحر وجواهره وجحيمه الحارق. تراءت لعينيّ أخطائي كشريط مرّ في العتمة ...فماذا جنيت من نقمة ..إنها لعمري ساعة تزيل عني النعمة ...شردت بالافكار ما بين جائز ٍ ومحال ..إنه عالم البحار تكثر فيه الأنواء و الأسرار ..تفقدت فرائصي ...وجدت أني ما زلت بخير ..أشكو رهبة الليل ..ليل أدهم وشيء ما جامح . .وحاولت أن اتلمس طريقي ..واتحقق من هو الآن رفيقي ..لم أجد لمخاوفي رد و زادت في قلبي مشاعر الغربة ..اوشكت أجزم أنها النهاية ..و مازلت بتخاطر وسؤال ظهرت أمامي لامعة ..عيونها تبدو دامعة ..وشعرها أحمر طويل ..مثل قصص عروس النيل ..أتى منها نورٌ ساطع ..حيناً يخبو وحيناً يلمع ..أدركت أني لست في منام ..رحلت الغفلة و أتت الصحوة ..تطرد الاحلام ..عندها خرجت من غفوتي ..وبصوت ٍ عال ٍ من ْ أنت ِ ..؟وكيف استقدمت ِ لسفينتي .؟ أسئلة تبحث عن إجابة ..و البحر يعلو عبابه ..تلعثمت بالكلام ..وتناثرت منها الحروف . .لم تكن عربية أو أعجمية . تراءى منها نور يشع .. فأمكنني رؤية جمال الوجنات والخد ..وسحر القامة والقد ...ولكن لله العجب ..أنسية لها ذنب .. كيف استحال الأمر فبدوت غبياً ولا ادرك ما هو السبب ..؟سألتها عن حاجتها ..ظهر القمر من بين طيات القدر ..سطع من أجلها تلك الليلة وسلط عليها الضوء فحسب ..ترددت في الاقتراب ..مخافة أن يكون شركاً أو سراب ...تشجعت بالسؤال منْ تكوني . ؟ولماذا أنت ِ هنا ..سردت لي قصة حزينة ...عن حورية فارعة . .تبحث عن أمان وللأبواب قارعة ..سألتها مما تخاف ..فأجابت بالأمس منذ ثلاثة أيام ...أقتربت من الشط البعيد ...فلمحت مركبك هذا ...زغرد قلبي من الفرح ..وقلت أتى الفرج وزال القرح ..اقتربت اتفحص المركب والمكان ..وأخمن من ْ فيه من سكان ... وعلمت أنك وحيد وقد تحل مشكلتي ..ويخلصتي من ورطتي...نعم تكلمي ...فقالت : والدي الملك نبهان ملك البحار وحارس الطوفان ... تعهد أن يزوجني من أحد ملوك الجان ..هاربة أنا وهم عني يبحثون ...في أطياف البحر . وكيف أساعدك ؟ قالت بسيفك يفك سحر الجن ..إذا أنت قررت أن تحبني وعليّ تحن ..صفقت براحتي ّ اسفاً ..لكن ماذا امتلك من قوة وبطش ..حتى أحميها من الوحش ..توسلت إلي ّ بحنان وأرتمت بحضني تطلب الأمان . .قلت لها على هونك ِ . .بللت ِ ثيابي أدمع واشجان ..كفي عن البكاء ..سأفكر بوسيلة للخلاص من هذا الشقاء ..قالت خذني معك إلى البر . حتى يفك عني السحر ...هناك سأكون عادية .. بأرجل طبيعية ...لاقت فكرتها القبول ...فلم افكر طويلاً بما سيحل بي إذا ما علم الغول ..وعزمت أمري على الرحيل ..قافلاً نحو الشاطئ ..قالت :عاجزة عن شكرك أيها الصياد الماهر ... قلت لماذا اخترتني منقذا ً ..و كيف أواجه ملك الجن ..قالت أرسلت إليك سمكة هدية ..ملونة بأطياف قوس قزح ..لكل لون قوة بحرية ..فماذا افعل ايها السادة ؟ الجن لن يترك لي حظ و سعادة .. وما هي إلا برهة استشاط البحر وماج . وتخابطت أمواجه ما بين مد وجزر فهاج َ ...اخذت تقوي من عزيمتي ..وتطرح من قوتها الواناً من الصبر ..وأنا أجد العوم نحو البر ...أغالب القدر ..غول كبير يموج في مياه البحر ..يتغلغل ليقلب القارب ..والموج يرتفع ..وأنا بشر الخوف تملكني و القهر ..فشدت على يدي بأصابعها الطويلة ...أشارت أن أستعمل من السمكة لونها الاحمر .. سياط ستلهب ملك الجان فترتعد فرائصه ..فعلت ما قالت ..وليتني لم أفعل ..زمجر بغضب ولاحت ملامحه القبيحة ..تخر لها القبب ، فضرب على سفحة الماء بيديه جعل القارب ينقلب سبحت نحو الساحل ..ولا أخفيكم يا سادة ..شعرت بدنو الأجل ...والموت قادم في ميعاده ..لو أنه أتى والنهار ساطع ..حتى أريه عمله هذا الطامع ..وحوريتي تشد من أزري ..فليس امامها من خيار ...إما النجاة أو الدمار ...قالت عليك باللون الازرق لهيب على جلده يلسع ...سياط لا ترحم اخذ منها يسترحم ..صرنا نجد بالعوم إلى ان أدركنا الساحل وارتمينا على الرمال ..سألت إذا أصبحنا بأمان ..ولن يلحق بنا ملك الجان ..واردفت إن له قوة بحرية ..تفوق القدرة البشرية...فقلت لها :ويحك ايتها الحورية لماذا اخترتِ انسياً ...ونحن في حديث لوم وعتاب ..بدأ الفجر يبزغ وينقشع السحاب ... فتلألأت بثوبها البهي مرصعاً بالنجوم ألوانه تزيل الهموم ..زينة للنظر بديعة يزوغ بها البصر ...وشعرها الاحمر الطويل ..سألتها الآن ما العمل ..؟وكيف ستعيشي خارج عالم البحر ...قالت خذني معك إلى بلاد الشام .. أعود انسية من البشر ...فقلت لها هيا معي ...فمن شرب البحر لن يغص بالساقية ..ورزقي ورزقك على الله..أوصلتها لشيخ الجامع ...قرا عليها من كتاب الله حتى بات دامع ..وقال لها أمضي في سبيلك ذهب عنك السحر الخادع ..وهذا السم الناقع ...وعادت لطبيعتها ... وتزوجت من الشيخ الخاشع ..ورحلت إلى دياري ...لا أصدق ما جرى لي ...فوصلت الدار وصيتي يسبقني ..ويا ترى ما الذي كان ينتظرني ..احدثكم عنه يا أخوة وارجو أن لا تنقطع النخوة ...إلى ذلك الحين أستودعكم رب السماء ..واجزلوا لي في الدعاء بامان الله وإلى اللقاء ...
وصلنا أيها السادة .. لساعة الصفر ومرت لحظاتها كأنها دهر ..فكانت ليلة ليلاء ...شديدة دهماء ..لم يزرها نجم ولا قمر ..انتابني الضيق والضجر ...بيدّ أن العتمة تكتم الأنفاس ..وتوجع الرأس ..وإذا كنت وحيداً بعيداً عن الناس . .طفقت أعد الدقائق حتى ينقضي الليل ويبزغ الفجر ..ضيق ٌ لا ينشرح له صدر ...إلا الحزن والكدر .. وما زلت أغالب وحشتي بالدعاء و الصبر ..ففي لحظة ٍ لمعت أمامي كالجوهرة ...عيون حادة النظر ..خفق قلبي مهابة ورجوت ألا يصيبني الخطر ...وأخذت أضرب أخماسي بأسداسي ...ما هذا الشيء الذي حضر ...منْ تكون يا ترى ؟...تسللت إلى قاربي ...شيء يشبه السمكة لكن تبدو ضخمة ..أرتعدت أواصري والخافق ..فعفت البحر وجواهره وجحيمه الحارق. تراءت لعينيّ أخطائي كشريط مرّ في العتمة ...فماذا جنيت من نقمة ..إنها لعمري ساعة تزيل عني النعمة ...شردت بالافكار ما بين جائز ٍ ومحال ..إنه عالم البحار تكثر فيه الأنواء و الأسرار ..تفقدت فرائصي ...وجدت أني ما زلت بخير ..أشكو رهبة الليل ..ليل أدهم وشيء ما جامح . .وحاولت أن اتلمس طريقي ..واتحقق من هو الآن رفيقي ..لم أجد لمخاوفي رد و زادت في قلبي مشاعر الغربة ..اوشكت أجزم أنها النهاية ..و مازلت بتخاطر وسؤال ظهرت أمامي لامعة ..عيونها تبدو دامعة ..وشعرها أحمر طويل ..مثل قصص عروس النيل ..أتى منها نورٌ ساطع ..حيناً يخبو وحيناً يلمع ..أدركت أني لست في منام ..رحلت الغفلة و أتت الصحوة ..تطرد الاحلام ..عندها خرجت من غفوتي ..وبصوت ٍ عال ٍ من ْ أنت ِ ..؟وكيف استقدمت ِ لسفينتي .؟ أسئلة تبحث عن إجابة ..و البحر يعلو عبابه ..تلعثمت بالكلام ..وتناثرت منها الحروف . .لم تكن عربية أو أعجمية . تراءى منها نور يشع .. فأمكنني رؤية جمال الوجنات والخد ..وسحر القامة والقد ...ولكن لله العجب ..أنسية لها ذنب .. كيف استحال الأمر فبدوت غبياً ولا ادرك ما هو السبب ..؟سألتها عن حاجتها ..ظهر القمر من بين طيات القدر ..سطع من أجلها تلك الليلة وسلط عليها الضوء فحسب ..ترددت في الاقتراب ..مخافة أن يكون شركاً أو سراب ...تشجعت بالسؤال منْ تكوني . ؟ولماذا أنت ِ هنا ..سردت لي قصة حزينة ...عن حورية فارعة . .تبحث عن أمان وللأبواب قارعة ..سألتها مما تخاف ..فأجابت بالأمس منذ ثلاثة أيام ...أقتربت من الشط البعيد ...فلمحت مركبك هذا ...زغرد قلبي من الفرح ..وقلت أتى الفرج وزال القرح ..اقتربت اتفحص المركب والمكان ..وأخمن من ْ فيه من سكان ... وعلمت أنك وحيد وقد تحل مشكلتي ..ويخلصتي من ورطتي...نعم تكلمي ...فقالت : والدي الملك نبهان ملك البحار وحارس الطوفان ... تعهد أن يزوجني من أحد ملوك الجان ..هاربة أنا وهم عني يبحثون ...في أطياف البحر . وكيف أساعدك ؟ قالت بسيفك يفك سحر الجن ..إذا أنت قررت أن تحبني وعليّ تحن ..صفقت براحتي ّ اسفاً ..لكن ماذا امتلك من قوة وبطش ..حتى أحميها من الوحش ..توسلت إلي ّ بحنان وأرتمت بحضني تطلب الأمان . .قلت لها على هونك ِ . .بللت ِ ثيابي أدمع واشجان ..كفي عن البكاء ..سأفكر بوسيلة للخلاص من هذا الشقاء ..قالت خذني معك إلى البر . حتى يفك عني السحر ...هناك سأكون عادية .. بأرجل طبيعية ...لاقت فكرتها القبول ...فلم افكر طويلاً بما سيحل بي إذا ما علم الغول ..وعزمت أمري على الرحيل ..قافلاً نحو الشاطئ ..قالت :عاجزة عن شكرك أيها الصياد الماهر ... قلت لماذا اخترتني منقذا ً ..و كيف أواجه ملك الجن ..قالت أرسلت إليك سمكة هدية ..ملونة بأطياف قوس قزح ..لكل لون قوة بحرية ..فماذا افعل ايها السادة ؟ الجن لن يترك لي حظ و سعادة .. وما هي إلا برهة استشاط البحر وماج . وتخابطت أمواجه ما بين مد وجزر فهاج َ ...اخذت تقوي من عزيمتي ..وتطرح من قوتها الواناً من الصبر ..وأنا أجد العوم نحو البر ...أغالب القدر ..غول كبير يموج في مياه البحر ..يتغلغل ليقلب القارب ..والموج يرتفع ..وأنا بشر الخوف تملكني و القهر ..فشدت على يدي بأصابعها الطويلة ...أشارت أن أستعمل من السمكة لونها الاحمر .. سياط ستلهب ملك الجان فترتعد فرائصه ..فعلت ما قالت ..وليتني لم أفعل ..زمجر بغضب ولاحت ملامحه القبيحة ..تخر لها القبب ، فضرب على سفحة الماء بيديه جعل القارب ينقلب سبحت نحو الساحل ..ولا أخفيكم يا سادة ..شعرت بدنو الأجل ...والموت قادم في ميعاده ..لو أنه أتى والنهار ساطع ..حتى أريه عمله هذا الطامع ..وحوريتي تشد من أزري ..فليس امامها من خيار ...إما النجاة أو الدمار ...قالت عليك باللون الازرق لهيب على جلده يلسع ...سياط لا ترحم اخذ منها يسترحم ..صرنا نجد بالعوم إلى ان أدركنا الساحل وارتمينا على الرمال ..سألت إذا أصبحنا بأمان ..ولن يلحق بنا ملك الجان ..واردفت إن له قوة بحرية ..تفوق القدرة البشرية...فقلت لها :ويحك ايتها الحورية لماذا اخترتِ انسياً ...ونحن في حديث لوم وعتاب ..بدأ الفجر يبزغ وينقشع السحاب ... فتلألأت بثوبها البهي مرصعاً بالنجوم ألوانه تزيل الهموم ..زينة للنظر بديعة يزوغ بها البصر ...وشعرها الاحمر الطويل ..سألتها الآن ما العمل ..؟وكيف ستعيشي خارج عالم البحر ...قالت خذني معك إلى بلاد الشام .. أعود انسية من البشر ...فقلت لها هيا معي ...فمن شرب البحر لن يغص بالساقية ..ورزقي ورزقك على الله..أوصلتها لشيخ الجامع ...قرا عليها من كتاب الله حتى بات دامع ..وقال لها أمضي في سبيلك ذهب عنك السحر الخادع ..وهذا السم الناقع ...وعادت لطبيعتها ... وتزوجت من الشيخ الخاشع ..ورحلت إلى دياري ...لا أصدق ما جرى لي ...فوصلت الدار وصيتي يسبقني ..ويا ترى ما الذي كان ينتظرني ..احدثكم عنه يا أخوة وارجو أن لا تنقطع النخوة ...إلى ذلك الحين أستودعكم رب السماء ..واجزلوا لي في الدعاء بامان الله وإلى اللقاء ...
تعليقات
إرسال تعليق