قصيدة عرافة الأسرار / بقلم الشاعر والدكتور احسان الخوري

عَرَّافَةُ الإِسْرَارِ ... بِقَلَمِ د. الشَّاعِر إحسَان الخُورِي عُشْبُ الأمَانِي لا يَتْعَبُ .. يَبْقَى يُرَدِّدُ أَسْمَاءَ الرِّيحِ .. تَتَسَاقَطُ مِنْهُ بَعضُ الارتِعاشاتِ .. فَيُتَمْتِمُ نَسِيمٌ عَلَى وَجَنَاتِهِ .. يَنْتَظِرُ صَفِيرَ الرِّيحِ .. لِيَحْكِيَ قِصَّةَ فُؤَادِي الازَليَّةِ ... هِيَ قَالَتْ إِنَّهَا تُحِبُّنِي .. فَضَمَمْتُهَا إِلَى صَدْرِي .. كَذَبْتُ .. وَأَجَبْتُهَا أَنَا لَا أُحِبُّكِ .. أَنَا صَدِيقُكِ يَا سَيِّدَتي .. وَانْسِي مَا قَدْ تَتَذَكَّرِينَهُ فِي الغَدِ .. فَأَجَابَتْ .. لَكِنَّنِي أُحِبُّكَ يَا سَيِّدِي .. هَلْ تَتَزَوَّجُنِي ؟ قَالَتْهَا بِدَمْعَتَيْنِ وَغَادَرَتْ إِلَى البَعِيدِ ... كُنْتُ أَعرِفُ أَنَّهَا قَد تَزَوَّجَتْ .. وَالسَّاعَةُ كَانَتْ بَعْدَ خَمْسٍ مِن السَّنَوَاتِ .. أَشْوَاقِي لَا زَالَتْ تُجَرْجِرُنِي إِلَيْهَا .. نَفْسِي تَفُوحُ مِثْلَ الرِّيحِ .. صُورَتُهَا تَنْبُتُ أَمَامَي .. أَسْمَعُ أَنْفَاسَ شَفَتَيْهَا .. عَيْنَاهَا تَرقُصُ كَخَمرَةِ كَأْسِي .. شَفَتَاي فَارِغَتَانِ .. فَأَشْرَبُ عَلَى عَجَلٍ ثُمَالَةَ الكَأْسِ .. لِأَشْعُرَ بِهَا وَارَاهَا .. أُرِيدُ أَنْ تَكُونَ صُورَتُهَا أَكْبَرُ .. أَنَّ تَمتَليءَ المَسَافَةُ إِلَيْهَا .. أَنَّ ألمُسَ طَيْفَهَا جَسَدٍ جَسَدٍ .. أَزْدَحِمُ فِيهَا .. لِيُحِيطَ جَسَدِي بِجَسَدِهَا .. وَيَتَرَدَّدُ صَدَى القُبَلِ وَيَعُودُ ... تَرضَعُنِي اللَّهْفَةُ .. اِرْتِبَاكٌ تَصُبُّهُ عَيْنَاي .. فَأَشْتَاقُهَا جِدَّاً وَأُرهِقُ أَصَابِعِي .. تَتَقَطَّرُ دُمُوعِي عَلَى مَهْلٍ .. جُنُونِي سَيِّدِ الإِسْرَافِ .. وَحَوَاسِّي تَسْتَعِينُ بِحَرَائِقِ الهَوَسِ ... تَقُولُ عَرَّافَةُ الاسْرَارِ .. اِنْتَبَهَ مِنْ وِشَايَةِ الدُّمُوعِ المَمْشُوقَةِ.. فَتُولَدُ أَجْوِبَةٌ كَثِيرَةٌ بِلَا أَسْئِلَةٍ .. كَانَ مِنْ المُمْكِنِ أَنْ أشْتَمَّها .. فأَتَذَكَّرُ كَلِمَاتَهَا كُلّهَا .. أُحِبُّكَ وَأَمُوتُ فِيكَ .. أَنْتَ حَيَاتي كُلّهَا .. أُرِيدُ أَنْ أَضُمّكَ .. وو.. وَتَكْرَارُهَا العَجُولُ ... يَا سَيِّدَتي .. مِنْ أَيِّ نُبُوءَةٍ أَنْتِ؟ أَنَا أَعرِفُ أَنَّي قَد كَذَبْتُ عَلَيْكِ .. لَكِنَّنِي لازِلْتُ كُلَّ يَوْمٍ أُوْلَدُ فِي حُبِّكِ .. كُلَّ يَوْمٍ أُنْفِقُ رِهَاناتِ رُوحِي .. أُهَرِشُ ذَاكِرَتَي .. أَبْحَثُ فِي أَشْيَائِي المُغَمَّضَةِ .. لِكَيْ أَتَلَمَّسكِ بِأَصَابِعِي الفَارِغَةِ .. لَكِنَّ المَلْمُوسَ كَانَ يَتَواطَئُ مَعَ الغِيَابِ .. وَيَسُدُّ كُلَّ ثُقُوبِ العَوْدَةِ ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصيدة مجنونتي/ بقلم الشاعر الراقي عصام الدين محمد